إسلام سيد- مصر:
ابني يبلغ من العمر 12 سنة، يحفظ ثلث القرآن الكريم، وكانت أخلاقه جميلة قبل سنة، وفجأة تغيَّرت أخلاقة فبدأ يعلِّي صوته ويتمرد على كل شيء، وهو يعرف الخطأ ويفعله ثم يرجع ويعتذر، وقد وصل سنه إلى البلوغ الشرعي، وله بعض الأصدقاء الملتزمين؛ لكنه يسهر معهم لوقت متأخرٍ، فمن الممكن أن يسهر حتى الفجر ويستيقظ بعد العصر، وإذا أبديت له نصيحة تضايق وانفعل بشدة لدرجة أنه قد يكسر أي شيء أمامه، ويأتي بعد ذلك يعتذر ويتأسف، فكيف أتعامل معه؟ وكثيرًا ما يتشاجر مع والدته وينهرها ويأتي بعدها ويعتذر، فكيف نتعامل معه وجزاكم الله خيرًا؟
يجيب عنها: معتز شاهين- الاستشاري التربوي في (إخوان أون لاين):
الأخ الفاضل...
تحية طيبة وبعد...
إن ابنك يريد أن يوصل لك رسالة مفادها (أبي.. لقد كبرت).
إنه يمر بأحرج مراحل النمو في عمر الفرد وهي "المراهقة"؛ حيث يصرخ بأعلى صوته لمن حوله.. لقد صار بإمكاني أن أعتمد على نفسي في كل أمور حياتي، بينما الواقع يفرض عليه نفسه بتحدياته التي صار يعجز الرجل الكبير عن تحملها، فتجده مضطربًا هائمًا يخطأ ويصرخ ثم يعود ليعتذر.
ويحتاج الأمر إلى حكمة منك في التعامل مع ابنك فلذة كبدك وأملك في الغد، فابنك أحوج ما يكون إلى قدوة يحتذي بها في تلك الفترة، وبدلاً ما يتخذ تلك القدوة من فناني أو مطربي هذه الأيام، فلتكن أنت قدوته!
ولكي تكون قدوةً لابنك لا تحتاج أن تكون مشهورًا أو غنيًّا، بل تحتاج إلى أن تفتح باب حوار بينك وبين ابنك؛ فالحوار إذن هو الحل للمرور من تلك المرحلة الحساسة بأقل الخسائر؛ وسأحاول أن أساعدك من خلال النقاط التالية على فتح قناة حوار بينك وبين ابنك.
إذا نظرنا إلى الأجيال في تعاقبها لرأيناها تتواصل، يقطعها بين الجيل والجيل الآخر مفصل المراهقة، وهو مفصل فاصل واصل معًا، فإما أن تجيد التواصل؛ أو تنقطع الصلة الجيلية بينك وبين ابنك المراهق..
فما خطوات التواصل الجيدة؟
(1) اجلس معه.
للجلسات أنواع، يمكن إجمالها كالتالي:
أ- الجلسة الفوقية:
أنت واقف وهو جالس، وتوصل رسالة خلاصتها: أنا أعلم منك.
ب- الجلسة التحتية:
هو واقف وأنت جالس، توصل رسالة: أنا أقوى منك- المحقق.
جـ- الجلسة المعتدلة:
في وجه بعض سواء وقوفًا أو قيامًا، توصل رسالة: أنا أحبك واطمئن.
أما بالنسبة لمكان الجلسة.. فيجب أن يكون مألوفًا بعيدًا عن أعين الناس، يتوافر فيه عاملا الخصوصية والسرية، ويفضل أن يكون خارج المنزل (أو في غير مكان حدوث المشكلة).
ويراعي في وقت الجلسة الآتي: أن يكون وقتًا مناسبًا للطرفين، وأن يكون كافيًا، ووقت الصباح أفضل من المساء.
(2) الرفق واللين:
قال صلى الله عليه وسلم: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه" (رواه البخاري).
(3) تحاور معه:
شروط الحوار الجيد...
أ- الحديث متبادل: فلا يستأثر طرف بالكلام دون الآخر؛ لكي يوضح كل منهما وجهة نظره وأسبابه.
ب- تحديد نقاط الحوار والهدف منه: والهدف من الحوار هو إيجاد حل للمشكلة يرضي الطرفان، وبذلك تكون نقاط الحوار كالآتي: تعريف المشكلة، تجريم الموقف أو تبرئته، العقوبة أو المثوبة.
جـ- لا لا.. نعم نعم: احرص على استخدام أسئلة وعبارات كثيرة يمكن الجواب عليها بـ(لا) إذا كان المقصود منع المراهق من فعل شيء معين، أو الجواب عليها يكون بـ( نعم) إذا كان المقصود دفع المراهق لفعل شيء معين.
د- عدم التصيد للأخطاء: لتحرص على عدم المقاطعة كلما وجدت تناقضًا في حديث المراهق؛ لأن ذلك يجعل المراهق يُحجم عن المشاركة في الحوار.
هـ- قاموس المراهقين (قل.. ولا تقل):
استعمل تلك المصطلحات باستمرار أثناء كلامك مع المراهق (حسن- جيد- ممتاز- أحسنت- صادق- أمين- مُجد- ناجح- ذكي- منظم- محترم- مبدع- مخلص).
اجتنب تلك المصطلحات أثناء كلامك مع المراهق (سيئ- مشاغب- كذاب- لص- فاشل- رديء- غبي- تافه- غشاش- ماكر).
(4) أحسن الاستماع إليه:
من مهارات الاستماع للمراهق: النظر بهدوء إلى عين المراهق، وعدم التحديق، الاستماع إليه بالاهتمام المناسب.
الانتباه إلى الإشارات الجسمية: اليد/ الشفاه... تقليل المقاطعات بقدر الإمكان... الانتباه إلى نبرة صوت المتحدث.
(5) اجعل له مجالاً للعودة:
وذلك بالتشجيع والقبول في حالة توبة المراهق وعودته وتركه الفعل السيئ.. يقول تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (35)﴾ ( الزمر).
(6) الدعــاء:
وعلى ولي الأمر اختيار الأوقات المناسبة (أوقات الاستجابة) وأن يدعو بصلاح أبنائه، وليحسن الظن، وليثق بالله.