تحدث محامون وحقوقيون مصريون عن تصاعد في وتيرة الاعتقالات في مصر خلال الأيام الماضية، جراء قيام مواطنين بالشكوى من غلاء الأسعار غير المسبوق.

وقالت منظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي"، التي أسسها الإعلامي السعودي الراحل جمال خاشقجي، إنه "كان الأحرى بالحكومة المصرية، العمل على خلق حلول للكارثة الاقتصادية التي تهدد استقرار وسلامة المجتمع، بدلاً من اعتقال المواطنين وكأنها تعاقبهم على فشلها".

وفي الوقت ذاته دعت حركات مصرية إلى "ضرورة مواجهة السياسات الحكومية التي تزيد من معاناة الفقراء في البلاد"، مؤكدة مساندتها للإضرابات والاعتصامات ضد هذه السياسات.

وعن موجة الغلاء الجديدة، خصوصاً على المحروقات، قالت حركة "الاشتراكيون الثوريون" إن "الزيادة الجديدة، والتي تعد استكمالاً لحرب النظام المعلنة على الفقراء، تعد مطلباً أساسياً للدائنين، وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي، لمنح النظام المزيد من القروض التي يتطلع إليها لمواجهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي نتجت من سياساته الفاشلة".

دعوة لمواجهة السياسات الكارثية

ودعت الحركة القوى السياسية إلى "مواجهة هذه السياسات الكارثية التي تزيد الفقراء فقراً، عبر بلورة مطالب عاجلة تستهدف مساندة محدودي الدخل، والضغط من أجل انتزاعها في مواجهة سياسات النظام المنحازة لكبار رجال الأعمال الاحتكاريين من المدنيين والعسكريين"، والتأكيد على "مساندتهم لكل التحركات الاجتماعية المتوقعة، من اعتصامات وإضرابات لزيادة المرتبات، باعتبارها الطريقة الوحيدة لانتزاع الحقوق، خاصة إذا كانت منسقة لوقف هجمات النظام الوحشية".

واختار قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي التوجه لمحافظة المنيا أول من أمس الخميس، والتأكيد من هناك على عدم خوفه من المستقبل.

الناشط الحقوقي، بهي الدين حسن، علق على كلمة قائد الانقلاب في تصريحات لـ"العربي الجديد"، وقال إن هذا الخطاب الشعبوي للسيسي  موجود منذ فترة، ومرشح للتزايد، نظراً لشعور النظام بالقلق الشديد، وهذا القلق ليس وليد اللحظة أو في الفترات الأخيرة فقط، ولكنه قلق مستمر منذ سنوات حول مدى إمكانية استقرار النظام".

وتابع الناشط الحقوقي: "يمكن أن نلمس اللهجة المضطربة والقلق الشديد المتزايد في خطابات السيسي منذ ديسمبر 2021، مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، ومن قبل أزمة الحرب (الروسية الأوكرانية)، وهناك خوف من حدوث ردة فعل شعبية.

وبرأي حسن، فإن "التوجه الأمني هو ذاته بلا تراجع، بصرف النظر عن حدوث زيادة في أعداد المقبوض عليهم في الفترات الأخيرة، وذلك بعكس الخطاب السياسي والإعلامي الترويجي حول حدوث انفراجة في الملف السياسي، وعكس الاحتفاء بشكل مبالغ فيه بأعداد المفرج عنهم".

وتتوافق هذه الرؤية مع الإفراج عن 124 سجين رأي في الفترة من 1 يناير حتى 1 مارس الماضيين، في مقابل ما يتم تداوله في أوساط حقوقية عن القبض على 459 آخرين في الفترة نفسها، بمعدل زيادة 371 سجين رأي خلال شهرين فقط، بعد إعلان لجنة العفو الرئاسية إخلاء سبيل 33 سجين رأي، منهم 29 تم اعتقالهم في العام الماضي.

ارتفاع أعداد الموقوفين

أما المدير التنفيذي للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، محمد لطفي، فأوضح أن "موجات القبض على المواطنين ارتفعت منذ دعوات التظاهر المعروفة بـ11/11، وما زالت مستمرة حتى الآن".

وقال لطفي لـ"العربي الجديد": "لاحظنا موجة قبض على المواطنين بالتزامن مع دعوات التظاهر في 11 نوفمبر الماضي، واستمر هذا النهج حتى بعد انقضاء فترة دعوات التظاهر. وكان عدد من المقبوض عليهم أمام نيابة أمن الدولة العليا بسبب تدوينات عن غلاء الأسعار، أو مشاركة فيديوهات وصور ساخرة من الوضع الاقتصادي وغلاء المعيشة".

من جهته أكد أحد المحامين المتابعين لقضايا نيابة أمن الدولة العليا، حديث لطفي، حول زيادة أعداد المقبوض عليهم في الفترة الأخيرة بسبب انتقادات لأداء الحكومة المصرية والشكاوى من صعوبات المعيشة.

وقال المحامي، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، حرصاً على مصير موكليه، لـ"العربي الجديد": "هناك بعض الأشخاص تم القبض عليهم بسبب كتابة أو مشاركة تدوينات ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وآخرين بسبب نشر فيديوهات ساخرة عن غلاء الأسعار، من بينهم أحد الجزارين الذي دعا إلى مقاطعة اللحوم، وجزار آخر دعا إلى مبادرة ساخرة لتقسيط أسعار اللحوم".

وتابع: "هؤلاء الأشخاص تتم مواجهتهم بتهم متعلقة بالإرهاب، ويتم إدراجهم على ذمة قضايا غير ذات وحدة موضوعية، كالقضية رقم 184 لسنة 2023 حصر أمن دولة عليا، والمتهم على ذمتها أيضاً صانعا المحتوى، بسمة إبراهيم الشهيرة بوردة، ومحمد حسام الشهير ببسة".