أعلنت منظمات حقوقية أن قوات الأمن اقتحمت، اليوم الأحد، جزيرة الوراق النيلية وطاردت الأهالي في الشوارع والحقول، وأطلقت عليهم قنابل الغاز والرصاص المطاطي، وخطفت وأصابت العشرات، في محاولة لإجبارهم على تسليم أراضيهم وبيوتهم لإقامة منتجع سياحي.

وتُعد جزيرة الوراق الأكبر في نهر النيل، وتبلغ مساحتها 1850 فدانا، ويصل عدد سكانها إلى ما يقرب من 200 ألف مواطن، وتحتل الجزيرة موقعاً متميّزاً وتمثّل الرابط بين محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية). كما تعد من أهم المناطق الزراعية، إذ تشغل الأراضي الزراعية أكثر من نصف مساحتها، وتنتج أجود أنواع المحاصيل، بينما يعمل معظم سكانها بالزراعة والصيد.

وكانت الوراق تُعد، هي و16 جزيرة نيلية أخرى، محميات طبيعية وفقاً لقرار رئيس الوزراء رقم 1969 لسنة 1998، حتى أصدر رئيس حكومة الانقلاب السابق شريف إسماعيل، يوم 19 يونيو 2017، قراراً مفاجئاً باستبعاد 17 جزيرة وعلى رأسها الوراق من هذا القرار، لصالح شركتين تكونان مسئولتين عن عملية تطوير الجزيرة، بالإضافة إلى اللجنة الهندسية للقوات المسلحة، وهما شركة "آر إس بي" الإماراتية السنغافورية للتخطيط المعماري، التي تم التعاقد معها عام 2013، وشركة "كيوب" للاستشارات الهندسية التي تعاقَدَت معها حكومة أحمد نظيف عام 2010.

وأكد مركز الأرض لحقوق الإنسان أن التعدي على سكان جزيرة الوراق يعد تعدياً على حقوقهم في الملكية والأمان والسكن، وأن الأهالي يقاومون رغم جبروت السلطات المصرية. وطبقاً لمقاطع فيديو انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي، ردد الغاضبون هتافات منها: "مش خارجين مش خارجين.. إحنا عليها ميتين"، قبل أن يعود الهدوء نسبياً بعد انسحاب القوات إلى داخل المشروع المملوك لهيئة المجتمعات العمرانية المقام على الجزيرة.

كما رصدت وحدة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية بالشبكة المصرية لحقوق الإنسان، تظاهر أهالي جزيرة الوراق، اليوم، في مسيرات جابت أنحاء وشوارع الجزيرة، مطالبين السلطات المصرية بإطلاق سراح أبناء الجزيرة المحبوسين وإسقاط كافة الأحكام الصادرة ضدهم، ووقف كافة أشكال التهديد والوعيد التي تمارسها أجهزة الدولة المختلفة بحقهم وبإعادة افتتاح المستشفى ومكتب البريد بعد إغلاقهما، وإلغاء قرارات نزع ملكية أراضيهم.

وكانت السلطات الأمنية قد شنت مؤخراً حملة اعتقالات طاولت العديد من أبناء الجزيرة والزج بهم في السجون، في إطار خطة الحكومة المصرية لتهجير أهالي الجزيرة وبيعها إلى المستثمر الإماراتي، بحسب تأكيد الشبكة.

وفي أواخر ديسمبر 2020، صدر حكم من محكمة جنايات القاهرة بالسجن المؤبد لمتهم والسجن المشدد لـ 34 آخرين من سكان جزيرة الوراق، في القضية المعروفة إعلامياً بـ "أحداث شغب جزيرة الوراق". وكانت النيابة العامة قد وجهت للمتهمين تهم "التعدي على الممتلكات العامة والخاصة، واستعراض القوة، ومنع موظفين عموميين من ممارسة أعمالهم، والبلطجة واستعراض القوة وقطع الطرق".

يشار إلى أنه في يوليو 2022، كشفت الهيئة العامة للاستعلامات عن تغيير اسم جزيرة الوراق إلى مدينة حورس، وأن كلفة المشروع الاستثماري الذي سيقام عليها تصل إلى 17.5 مليار جنيه، وأن دراسة الجدوى قدرت الإيرادات الكلية بنحو 122.54 مليار جنيه، وأن الإيرادات السنوية تبلغ 20.422 مليار جنيه لمدة 25 سنة.

وأشارت الهيئة العامة للاستعلامات إلى أن المشروع يضم 8 مناطق استثمارية، ومنطقة تجارية، ومنطقة إسكان متميز. سيتم إنشاء حديقة مركزية ومنطقة خضراء ومارينا 1 و2، وواجهة نهرية سياحية، كما سيشمل منطقة ثقافية وكورنيش سياحي.

وكانت سلطات الانقلاب قد أعلنت العام الماضي، قرب إتمام السيطرة على الجزيرة، وأبلغ وزير الإسكان عاصم الجزار رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، بأن 888.65 فداناً (يعادل 175 متراً مربعاً) أصبحت تحت حيازة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، بنسبة 71 في المائة من إجمالي مساحة الجزيرة، التي تبلغ نحو 1295.5 فدانا، وأنها "بدأت بالفعل أعمال التطوير"، وأن عدد المنازل التي انتقلت أو جارٍ نقل ملكيتها بلغ نحو 2458 منزلاً، فضلاً عن استلام أراضي الأوقاف بالكامل ومساحة 23.5 قيراطا، كما تم استلام 32.5 فدانا من الأراضي أملاك الدولة، البالغة مساحتها 68 فدانًا، ومتبق استلام 35.5 فداناً، وأن خطة تطوير جزيرة الوراق تتضمن في المرحلة العاجلة منها تنفيذ 94 برجاً سكنياً تضم 4092 وحدة سكنية، بمساحات "تلبي مختلف المتطلبات للمستهدفين بها" إلى جانب تنفيذ عدد من الخدمات مثل المدارس ووحدات طب الأسرة، ومراكز الشباب، ومراكز تجارية وخدمية وترفيهية.

وتؤكد منظمات حقوقية مصرية أنه مورس ضد أهالي جزيرة الوراق الإخلاء القسري، الذي يعد بموجب القانون الدولي (الإبعاد غير الطوعي للأشخاص من ديارهم وأراضيهم) انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان.