في خسارة جديدة لأهم أصولها في قطاعات استراتيجية مختلفة، تتعلق بالأمن القومي، قرر نظام الانقلاب طرح 5 من أهم المستشفيات الكبرى التابعة لوزارة الصحة، للاستثمار أمام القطاع الخاص.

وبحسب تصريح للمتحدث باسم وزارة الصحة حسام عبد الغفار، لـ"بلومبيرج"، فإن الطرح سيكون بحصص "حاكمة تتضمن حق الانتفاع، أو الإدارة، أو التطوير".

وأوضح عبد الغفار أن المستشفيات المطروحة تشمل: "المستشفى القبطي، وهليوبوليس، وشيراتون"، وذلك إلى جانب "مستشفى العجوزة، ومستشفى الجلالة"، بحسب مصادر للموقع السابق.

وبعد سنوات من شراء شركات إماراتية أهم المستشفيات ومعامل التحاليل والأشعة بمصر، أعلنت مجموعة "ألاميدا" للرعاية الصحية الشريك مع مجموعة "الإمارات للرعاية الصحية" الخميس، ضخ 5 مليارات جنيه بالقطاع الطبي المصري في 5 سنوات.

واستحوذت مجموعة مستشفيات "كليوباترا" المملوكة لشركة أبراج كابيتال الإماراتية على مجموعة "ألاميدا " للرعاية الصحية، في 27 ديسمبر 2021.

ويأتي هذا التطور، في ظل استحواذ لافت للشركات الإماراتية بشكل خاص على قطاع الصحة، الذي يمس صحة وحياة ملايين المصريين، وينذر بفرض أسعار لا يتحملها شعب يقبع نحو 60 بالمئة منه تحت خط الفقر.

وتمتلك الشركات الإماراتية 15 مستشفى، ونحو 100 معمل تحاليل ومركز أشعة، فيما تتحكم في إنتاج الأدوية في سوق تقدر قيمتها بحوالي 45 مليار دولار.

وفي ملف آخر يمس ملايين المصريين الفقراء، تبحث وزارة النقل ملفات 35 شركة تابعة لها لإدراجها في البورصة الفترة المقبلة، وفق ما نقلته صحيفة "البورصة" الاقتصادية المحلية، الخميس.

سندان ومطرقة

 

وفي تعليقه، قال الخبير في الإدارة بمجال الصحة الدكتور هاني سليمان؛ إن "الاستحقاق الدستوري للإنفاق على الصحة بمصر 3 في المائة فقط من الموازنة العامة للدولة، ومع هذا فإن ما يصرف فعليا أقل من نصف هذه النسبة".

وأضاف"ولعل الكثيرين لا يعرفون أن 60 في المائة من مستشفيات مصر يمتلكها القطاع الخاص، و40 بالمئة فقط منه تمتلكها الدولة ممثلة بوزارة الصحة وقطاعاتها، ووزارة التعليم العالي التي تتبعها المستشفيات التعليمية بكليات الطب".

وأضاف سليمان، وهو مدير التسويق والتخطيط الاستراتيجي السابق بشركة "فايزر الشرق الأوسط"، أن "المصري يدفع من جيبه حوالي 70 في المائة من نفقات العلاج والدواء، وذلك لعدم وجود خدمة طبية عامة جيدة ومجانية، أو بتكلفة معقولة تقدمها الدولة".

ولفت إلى أنه في ظل ذلك الوضع: "يلجأ مضطرا للعيادات والمستشفيات ومعامل التحليل ومراكز الأشعة الخاصة، التي تقدم خدمة طبية جيدة، لكن يضطر إلى تحمل تكلفتها المرتفعة، حيث لا توفر الدولة بديلا مقبولا عنها".

وألمح إلى أن "كثيرا مما كان يُطلق عليه مستشفيات حكومية، تغيرت مسمياتها إلى (وحدات صحية) تقدم خدمات صحية بسيطة وأولية، إذ كانت لا ترقى لتكون مستشفيات حقيقية من حيث المساحة والحجم والتجهيزات الطيية والإمكانات البشرية والمادية".

وأكد سليمان أن توجه بيع المستشفيات الحكومية، يأتي "في وقت ينادي فيه العاملون بمجال الصحة والعلاج والدواء، ومن يستخدمون هذه الخدمات، بزيادة مخصصات الصحة بالموازنة العامة، وتطوير المستشفيات من الناحية المادية والتجهيزية والبشرية".

وانتقد "استمرار الدولة في إهمال قطاع الرعاية الصحية، خاصة مع النمو السكاني الكبير في الـ20 سنة السابقة"، كما عاب عليها "تشجيع زيادة المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة بأنواعها، كبديل غير مريح وغير اقتصادي للمواطن المصري".

ويرى الخبير الإداري أن "طرح الحكومة 5 مستشفيات تابعة لها أمام القطاع الخاص، تعكس انصرافا أكثر عن مصلحة المواطن، أو ربما عجزا منها عن إيجاد قطاعا صحيا كفؤا وعادلا، يقدم خدمة طبية جيدة بما فيه الكفاية، فلجأت للقطاع الخاص لينهض بهذه المستشفيات، ويقدم خدمة طبية أكثر جودة ونفعا".

خطر على المواطن

واستدرك بالقول: "ولكنها بالقطع لن تكون مجانية أو بمقابل معقول للمواطنين؛ لأن القطاع الخاص أول ما يهمه الربح بأي مجال، ولكن التخفيف عن المواطن العادي ليس من أولويات الدولة بهذه المرحلة، بل بالضرورة ستستفيد ماديا من عمليات الطرح على حساب المريض المصري".

ولفت سليمان إلى "التوغل الإماراتي بشكل خاص في قطاع الصحة، وشراء شركات إماراتية كثيرا من المستشفيات ومعامل التحاليل والأشعة، وإعلانها ضخ 5 مليارات جنيه في القطاع الطبي خلال 5 سنوات".

وتوقع أن "تستولي الإمارات على المستشفيات التي تطرحها الدولة بدعوى الإدارة والتطوير"، مبينا أنها "ستكون خطوة مكملة لما بدأته بالاستحواذ على جزء من القطاع الكبير جدا في مصر، حيث بدأت بالجزء النامي والمربح منه".

وقال؛ إن "هذا لا ينفصل عما يجري من بيع أصولها بمختلف مجالات الإنتاج والخدمات، لكن الطرح الجديد لن يكون خطرا فقط على موارد وثروات وإمكانات البلد، بل هو خطير على حياة المواطن العادي وصحته، الذي يشكو تدني الرعاية الصحية، وارتفاع تكلفة الخاصة منها".

وواصل: "فإذا به يجد أنه بدلا من تطوير الخدمات الصحية العامة المقدمة له من قبل الدولة، يتم بيعها أو تأجيرها لمن يدفع أكثر، على حساب صحة المواطن البسيط، الذي وقع بين مطرقة الخدمة الطبية العامة المتهالكة، وسندان التكلفة المرتفعة للقطاع الطبي الخاص والاستثماري، المصري أو الأجنبي".

قائمة بأصول جرى بيعها

ويواصل النظام في مصر بيع الشركات الحكومية والأصول السيادية، وذلك في توقيت تحتاج فيه البلاد إلى نحو 40 مليار دولار لتسديد خدمة ديونها المستحقة خلال العامين الجاري والمقبل، وتنفيذا لوثيقة ملكية الدولة التي طرحتها مؤخرا وأثارت جدلا.

وفي هذا الإطار، أسس الصندوق السيادي المصري صندوقا فرعيا يختص بإعادة هيكلة الأصول المملوكة للدولة، وطرحها على القطاع الخاص في 9  سبتمبر الجاري.

وهو ما سبقه في 4 سبتمبر الجاري، إعادة الحكومة إطلاق برنامج الطروحات بالبورصة المحلية، فيما أقرت الهيئة العامة للرقابة المالية تعديلات تسمح بتحريك ملف الطروحات الحكومية، الأربعاء الماضي.

والخميس، أُعلن عن استحواذ شركة "موانئ أبوظبي" على 70 في المائة في شركتي "ترانسمار، و"ترانسكارجو الدولية" (TCI) المصريتين، العاملتين بالنقل البحري بقيمة 140 مليون دولار.

10 سبتمبر الجاري، أعلن رئيس هيئة قناة السويس، أسامة ربيع، أن الهيئة ستطرح أواخر العام أولى شركات القناة بالبورصة المصرية، على أن يلي ذلك طرح شركتين أخريين لاحقا.

18 أغسطس، أميط اللثام عن مباحثات فرنسية ألمانية مع مصر لمبادلة ديون القاهرة لديهما، بأصول مصرية في قطاع الغاز.

وفي 7 أغسطس، كُشف عن مفاوضات مصرية صينية، بالعاصمة السويسرية جنيف لمبادلة ديون مقدرة بنحو 8 مليارات دولار بأصول مصرية استراتيجية، بين موانئ ومطارات.

وفي هذا الإطار، أكد موقع "القاهرة 24" المحلي، في 27 أغسطس الماضي، أن الحكومة تدرس طرح موانئ بالبورصة للمستثمرين الأجانب.

7 أغسطس الماضي، أعلن صندوق الاستثمارات السعودي رغبته الاستحواذ على "المصرف المتحد"، المملوك للبنك المركزي المصري قبل نهاية العام.

6 أغسطس الماضي، دشن صندوق الاستثمارات العامة السعودي الشركة السعودية المصرية للاستثمار، التي بدأت عمليات استحواذها على أصول وأسهم 4 شركات مصرية رابحة في 22 أغسطس الماضي.

وهي "الكيماوية مصر"، و"أبو قير للأسمدة والصناعات لإنتاج الأسمدة"، و"الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع"، و"إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية" بمبلغ نحو 1.3 مليار دولار.

ذلك مع رغبة سعودية للاستحواذ على "المصرف المتحد" و"شركة مصر للألومنيوم"، بجانب ما أثير عن استحواذ على ما بين 10 و25 في المائة من أسهم "مدينة الإنتاج الإعلامي".

4 أغسطس الماضي، قبلت البورصة المصرية عرض الشراء الإجباري من "شيميرا" الإماراتية لـ56 بالمئة من أسهم الشركة المصرية "بلتون" المالية، بقيمة 384.8 مليون جنيه.

2 أغسطس الماضي، فاوض صندوق "أبوظبي السيادي" القاهرة لشراء حصة إضافية بين 10 إلى 15 في المائة بشركة مصر لإنتاج الأسمدة "موبكو".

مطلع أغسطس الماضي، بعد استحواذها على المطور العقاري "سوديك" عام 2021، أعلنت "الدار العقارية" الإماراتية، زيادة استثماراتها بمصر، وضم أراضي جديدة لمحفظتها.

28 يوليو الماضي، أعلنت "أدنوك" الإماراتية، الاستحواذ على 50 في المائة من "توتال إنرجيز مصر"، مقابل 203 ملايين دولار.

27 يوليو الماضي، اشترت "شيميرا" للاستثمار الإماراتية حصة "أوراسكوم" المالية البالغة 56 في المائة في "بلتون" المالية لشركة.

25 يوليو الماضي، أعلنت مجموعة "أغذية" الإماراتية، نيتها الاستحواذ على 60 في المائة من مجموعة "أبو عوف" المصرية للأغذية مقابل 2.9 مليار جنيه.

21 يوليو الماضي، طلبت "سوديك" التابعة لـ"الدار العقارية" و"أيه دي كيو" القابضة الإماراتية، الاستحواذ على شركة "مدينة نصر للإسكان".

20 يوليو الجاري، وافقت الحكومة على تأهيل شركتي "وطنية" و"صافي" التابعتين للجيش للطرح في البورصة، مع إعلان شركات إماراتية وسعودية رغبتها في الاستحواذ عليها.