طه سليمان عامر

يدعو المؤمن ولا يجاب له، وقد يكرر الدعاء ويطول الزمان ولا يرى أثراً للدعاء، فكيف يتعامل المؤمن مع تلك الحال؟

يجيب الإمام ابن الجوزي (مع إضافات وتصرف منا):

إن هذا من البلاء الذي يحتاج إلى الصبر.

ويذكر من حكمة تأخير الله تعالى الإجابة ما يلي:

أولاً: لو لم يكن في تأخير الإجابة إلا أن يبلوك الله في محاربة العدو (الشيطان) لكفى في الحكمة.

وقد ثبت بالبرهان أن الله عز وجل مالك، وللمالك التصرف بالمنع والعطاء، فلا وجه للاعتراض عليه.

هو خالقنا ونحن عبيده ونعمه علينا تترا ظاهرة وباطنة.

ثانياً: قد ثبتت بالأدلة القاطعة حكمته جل وعلا، فربما رأيتَ الشيء مصلحة والحكمة لا تقتضيه، وقد يخفى وجه الحكمة فيما يفعله الطبيب من أشياء تؤذي في الظاهر يقصد بها المصلحة، فلعلَّ هذا من ذاك.

ثالثاً: قد يكون التأخير مصلحة والاستعجال مضرة؛ "والله يعلم وأنتم لا تعلمون".

رابعاً: قد يكون امتناع الإجابة لآفة فيك، فربما يكون في مأكولك شبهة، أو قلبك وقت الدعاء في غفلة، أو تُزاد عقوبتك في منع حاجتك لذنبٍ ما صدقتَ في التوبة منه.

خامساً: ربما كان في حصول مطلوبك زيادة إثم، أو تأخير عن مرتبة خير، فكان المنع أصلح.

سادساً: ربما كان فقْد ما فقدتَه سبباً للوقوف بالباب واللجوء إلى الله تعالى وكثرة التضرع والبكاء، فإذا حصل لك ما تريد انشغلت به عن الله جلَّت قدرته.

وإنما البلاء المحض، ما يشغلك عنه، فأما ما يقيمك بين يديه ففيه جمالك.

ونضيف:

سابعاً: لو لم يكن من الدعاء إلا شعور المؤمن أنَّ له رباً قادراً يقف على بابه ويدعوه فيمتلئ قلبه بالسكينة والقوة.. لكفى.

ثامناً: قد ثبت بالدليل أن الله تعالى يعطي على الدعاء من خير الدنيا والآخرة ودفع البلاء ما يجعل المؤمن يطمئن بالاً وخاطراً.

الله أجب دعاءنا وحقق رجاءنا.

وما زويتَ عنا فارزقنا يقينا في حكمتك، ورضنا بقضائك حتى لا نُحب تعجيل ما أخَّرت ولا تأخير ما عجَّلت.