قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن جنازة صحفية الجزيرة شيرين أبو عاقلة تخللتها أعمال عنف قامت بها شرطة الاحتلال، في محاولة يائسة لمنع الفلسطينيين من مرافقة موكب الجنازة عبر حي الشيخ جراح وهم يحملون الأعلام الفلسطينية في موكب مهيب يذكر بأن القدس هي عاصمة الدولة الفلسطينية.

ووصف المراسل كيف دفعت الشرطة من حملوا تابوت الصحفية الراحلة نحو البوابات باتجاه الشارع ولاحقوهم وضربوهم، حتى أن أحدهم تلقى ما لا يقل عن 10 ضربات بالهراوات في الضلوع والكتف مع ركلة في الأرداف لينهار ويميل التابوت بزاوية 45 درجة دون أن يسقط.

وكان ضابط صهيوني في وقت سابق قد حذر القنصل الفرنسي وارث تركة العهد العثماني رينيه تروكاز، وقال إنه لا يريد أن يرى الأعلام الفلسطينية أو يسمع هتافات وطنية، و"لكن لا أحد يستطيع السيطرة على ذلك"، وأشار إلى أن باريس لا تزال الحامي الرمزي لمستشفى القديس يوسف الذي كان فيه جثمان أبو عاقلة.

ونبه المراسل إلى أن شرطة القدس ظلت على مدى عقد من الزمان تعمل بنشاط على إزالة الأعلام الفلسطينية من المدينة رغم أن القانون الصهيوني لا يمنع رفعها ولا يمنع الغناء، وقد وصل هذا الهوس إلى ذروته في الأيام الثلاثة الماضية لكن دون جدوى.

وأكد أن الفلسطينيين ظلوا طوال مراسم دفن شيرين أبو عاقلة يلوحون بالأعلام الفلسطينية وهم ينتظرون على جنبات الطرق مرور الموكب الذي ينقلها.

وعند وصول الجثمان في النهاية إلى كاتدرائية الروم الملكيين الكاثوليك بالقرب من بوابة يافا أطلقت في زقاق البلدة القديمة أغنية تكرِّم محمد ضيف القائد العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، وبدا القداس "مرتبكا ومتوترا، لأن الجميع يريدون أن يكونوا بالقرب من شيرين"، وهو ما يقول الأسقف ياسر عياش إنه لم ير مدينته تتجمع بهذا النحو حول جنازة منذ تشييع فيصل الحسيني ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في القدس عام 2001.

وتحت نوافذ فندق البتراء نزلت الكشافة الكاثوليكية في شارع البطريرك أمام التابوت الذي يطفو فوق الرءوس، وقادوا الحشد على نغمة قومية قديمة "أكتب اسم بلدي على الشمس"، وتبعهم آخرون في موكب مثير للإعجاب -حسب المراسل- يمتد جنوبا على طول سور المدينة القديمة، ولكن رجال الشرطة الإسرائيلية اقتحموه للاستيلاء على العلم الفلسطيني.

هذا الموكب تذكير بالواقع -كما يقول المراسل- لأن "إسرائيل" تعد القدس عاصمتها "الموحدة"، ولكن عدد السكان الفلسطينيين فيها منذ احتلال الجزء الشرقي من المدينة عام 1967 يزداد باطراد، حتى أن هذه المدينة المقدسة أصبحت عربية الآن بنسبة 40% بعد أن كانت تلك النسبة لا تتجاوز 25% عام 1967، أما المدينة القديمة فتبلغ نسبة العرب فيها 90%.

وخلص المراسل إلى أنه من الصعب التكهن بما يمكن أن يحرك هذه المدينة وما يمكن أن يجمع أهلها خارج "الدفاع" عن الأماكن الإسلامية المقدسة في الأقصى، إلا أنها تجمعت هذه الجمعة حول رفات سيدة مسيحية تبلغ من العمر 51 عاما لم تلعب أي دور سياسي ولا عسكري، ولكنها ظلت على مدى عقدين من الزمن تؤرخ لبؤس الاحتلال.