فتحي السيد

ونستكمل معا  السمات التي  يجب أن تتحلى بها المرأة الداعية ومنها :

9- القدوة الحسنة:

ينبغي أن تكون الداعية داعية بفعلها قبل قولها، فإن الناس ينظرون إلى فعلها قبل قولها، فإن خالف فعلها قولها فقدت دورها كداعية، وصارت محل السخرية لا الاحترام مع ما لها من الوزر؛ إذ إنها في هذه الحالة تدعو إلى الجنة بقولها، وتصد عنها بفعلها، فلتحرص على ألا يكون مظهرها مخالفًا لكلامها.

10- الصبر والتحمل:

الدعوة فيها مشقة، مشقة الكيفية والعمل، ومشقة تحمل السخرية من الآخرين وعدم الاستجابة، ومشقة التأني وعدم استعجال الثمرة؛ ولذا، لا بد من الصبر حتى ترى الثمرة، ولا يضيق صدرها إن لم يسمعوا إليها، {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف:6].

11- التميز والاستعلاء:

لا بد أن تكون المرأة الداعية متميزة على غيرها، مستعلية على سفاسف الأمور التي تشيع بين الناس، وأعني بذلك صورة التميز في الجانب الاجتماعي على وجه الخصوص، فينبغي أن لا تكون مرتبطة بكل العادات والتقاليد التي فيها كثير من ضياع الأوقات، وبعض المخالفات أيضًا، فلا تكون منشغلة بمظهرها وزينتها، وإن كان هذا من حق المرأة، لكن هناك مبالغة بين صفوف النساء.

فالمرأة الداعية لا بد لها من أن تتميز في هذا الجانب، وأن تأخذ بحد مقبول أو حد أدنى، ولا يشغلها ذلك بصورة كبرى، فتكون عندما تنظر إليها الأخريات يقلن: إن فلانة، في الحقيقة، متميزة بجديتها، مستعلية على هذه الأمور، زاهدة في دنياها؛ فهذا يعطيها، بصورة أو بأخرى، قدرًا من التميز.

لا بد من أن تبتعد عن الحساسية المفرطة التي تقع بين النساء، فإذا سمعت كلمة، أو رأت موقفًا ينبغي أن يكون عندها من سعة الأفق، ورحابة الصدر ما تتعالى به عن هذه الأمور، ويكون عندها قدرة على الاستيعاب، فيكون عندها الابتسامة المشرقة الدائمة، والنفس التي تتلقى المشكلات وتمتصها، فإن هذا مهم جدًا، ولا تكون ذات تدقيق في الأمور التي لا داعي لها، فلا بد من أن يكون عندها بعد عن حظوظ النفس، وقدوة في الكلام والمظهر، وبعد عن الغضب والانفعال والقضايا العاطفية التي تقع في بعض المواقف النسائية.

12- البذل والعطاء:

من أهم السمات التي تتميز بها المرأة المسلمة بذلها من جهدها ووقتها ومالها في سبيل الله عز وجل، نصرة للمسلمين، ودعوة لبنات جنسها، فعندما تنظر النساء إلى امرأة تبرعت بحليها تكون صورتها بينهن صورة القدوة التي تحتذى، وكذلك عندما يجدن أن المرأة قد تركت بعض زينتها لتبذل ذلك الوقت للدعوة إلى الله عز وجل، وعندما يجدن أنها تشارك أحيانًا مشاركة عملية مع زوجها أو مع محرم لها؛ فتنجد المسلمات، وتتفقد أحوالهن في بعض الميادين، ويكون ذلك على حساب راحتها، وسعادتها الدنيوية؛ فإن هذا مهم جدًا في شخصيتها لتكوينها النفسي والإيماني والعملي، وكذلك هو مهم في صورتها التي تجعلها قدوة بين النساء.

13- الموازنة والاعتدال:

فإن على المرأة حقوقًا تجاه زوجها، وتجاه أبنائها، وتجاه بيتها، وتجاه دعوتها، فينبغي ألا تُفْرِط في جانب على حساب آخر؛ لأن ذلك سيربك حياتها كلها، وسيعطل جميع مناحي مشاركتها، فإذا اندفعت مع دعوتها، وأهملت زوجها، فلا شك أنه سيطالب بحقه، وسيكون محقًا في منعها أو في معارضتها في هذا المجال الذي تكون فيه، وإذا اعتنت بشأن بيتها وزوجها، وقصرت وامتنعت، ولم تشارك من قريب ولا بعيد، ولا بقليل، ولا كثير في أمر دعوة النساء وتذكيرهن وتعليمهن، وعندها الإمكانات، وعندها العلم، وعندها الفهم والإدراك؛ فلا شك أنها تكون قد قصرت في ذلك.

لذلك لا بد للمرأة الداعية من ترتيب الأولويات، ولا بد لها من استغلال الأوقات، ولا بد لها من التنظيم والتخطيط، فلا تكون المرأة الداعية عفوية، ولا عاطفية، ولا تجعل نفسها دون ترتيب، فإذا اتصلت بها امرأة لتدعوها إلى دعوة أجابت مباشرة، فينبغي أن تكون عندها أولويات وتخصيص وترتيب للأوقات، وموازنة في هذا الجانب، فهي إذا رتبت أمرها بحيث يكون عندها درس في الأسبوع، ومحاضرة في الشهر، فإذا جاءتها دعوة من غير ترتيب مسبق، ومن غير وقت كاف، فإنها ترفض هذه الدعوة، ولو كانت مهمة في بعض الأحيان؛ لأنها سوف تربك أولوياتها، وتخلط أوراقها؛ بل قد تجعلها تقصر في بعض حقوقها، وهذه مسألة قد يقع فيها تجاوز نظرًا للحالة بعينها، لكن في الإطار العام لا بد من هذا الترتيب؛ لأن المرأة ليست مثل الرجل يمكن أن تخرج في أي وقت، ويمكن أن تشارك في أي عمل، فلا بد من أن ترتب نفسها، وأن تعد برنامجها بالموازنة والاعتدال؛ حتى تستطيع أن تشارك وأن تؤدي الدور من دون حيف ولا تقصير.

14- المعرفة والمبادرة :

وأعني بالمعرفة معرفة الأوضاع النسائية على وجه التفصيل والدقة، فلا ينبغي للمرأة الداعية أن تكون بعيدة، غير مختلطة ولا عارفة بما يجري في مجتمعات النساء، والمصطلحات اللاتي يتداولنها، والمسميات التي يستخدمنها، والعادات التي تجري بينهن، فإن علمها بهذا من أعظم أسباب قدرتها على التوجيه والإصلاح.

ولا بد من أن يكون عندها روح المبادرة، فإن الطبيعة التي تغلب على بعض النساء، من الحياء أو الإحراج، أو غير ذلك، قد تمنعها من أن تؤدي دورها وأن تقوم بواجبها في الدعوة، ولا يعني ذلك أن تكون مندفعة أو متهورة، لكن ينبغي ألا يكون عندها ذلك التحسس والإحراج، الذي يمنع كثيرًا من النساء من العمل الدعوي والقيام بواجب الدعوة.

15- التعقل والاتزان:

أعني به التفكير والتخطيط والبعد عن الاندفاع العاطفي، ومعرفة الاستعدادات والإمكانات، فينبغي أن تعرف استعدادات النساء وإمكاناتهن، وأن تجعل لكل فئة من النساء أسلوبًا معينًا، وخطابًا محددًا، فالكبيرات في السن من النساء لهن خطاب وإمكانات مختلفة عن الصغيرات من طالبات المدارس والجامعات، واللواتي سبقن إلى الصلاح لَسْن مثل غيرهن من اللواتي انحرفن أو انجرفن في بعض مسالك الفساد.

فلذلك لا بد من أن يكون عندها تعقل فيما تطرح من أمور الدعوة، ولا بد من أن يكون عندها معرفة بأنه لا بد من التدرج في بعض أساليب الدعوة، سيما في التنفيذ والتغيير، ولا بد من أن يكون عندها تعقل في النظرة المستقبلية، ودراسة للسلبيات والإيجابيات المتوقعة أثناء مسيرتها في عمل الدعوة، وهذه أمور تخضع لجوانب كثيرة تحتاج إليها المرأة المسلمة الداعية تستكمل من خلال ما سلف من الأمور.

فإذا كانت مؤمنة ملتزمة، وعالمة مدركة للواقع، وكانت متميزة، متابعة، مستوعبة بطبيعتها النفسية والفطرية، قادها ذلك إلى أن تكون متعقلة، قادرة على ترتيب وتخطيط الأمور.

16- التجديد والابتكار:

فإن المرأة عندها قدرة على التجديد، والابتكار، والتنويع، فلتجعل هذه القدرة في الدعوة، وبدلًا من أن يصرف التجديد والابتكار في الموضة والأزياء وديكور المنزل فحسب، فليصرف في أساليب الدعوة، فمرة عبر بطاقات، ومرة عبر شريط، ومرة عبر حوار، ومرة عبر مشهد، ومرة عبر أسلوب آخر من أساليب الإهداء، فهذا التجديد والابتكار يجعل للدعوة قبولًا عند النساء، ويجعل هناك الحيوية التي لا تجعل الملل يتسرب إلى العمل الدعوي في صفوف النساء.