د. عز الدين الكومي 

بالرغم من أن فيلم  "ريش" يحكي عن الواقع البائس الذي يعيشه ٣٢ % من الشعب المصري تحت خط الفقر حسب إحصاءات رسمية. 
كما أن الفيلم كشف الفن الهابط الذي يتبنى نشر الرذائل والانحطاط الخلقي كما هو مشاهد من خلال الأعمال التي تقدمها سينما العسكر كما قال الناقد السينمائي "حسام الغمري" فى تغريدة له : "طالما وصلت للبرلمان فأنا مضطر اشرح إيه سبب رعبهم من فيلم ريش ، فالسبب ليس مشاهد الفقر كما يدعون . 
فالفيلم يحكي قصة ساحر حوّل ربَّ أسرة إلى دجاجة وفشل في إعادته كما كان في السابق !!
فالدجاجة هي رمز التدجين السياسي والأمني، أما الساحر الذي حول رجال مصر إلى دجاج فهو الـ ... 
فهمت يا بن خالتي؟!! ."
وخلال مهرجان التعرِّي فى الجونة تم عرض فيلم "ريش" الذي حاز على جوائز فى مهرجانات دولية،  لكن عددا من المشخصاتية لم يطيقوا مشاهدة عمل فنى جاد بعيدا عن "الهلس"، ولأن الفيلم قدم رؤية واقعية عن أحوال الفقر فى مصر ومعاناة الملايين للحصول على لقمة العيش؛ فقد ثار هؤلاء المشخصاتية، واعترضوا على الفيلم بزعم أن الفيلم يسيء لمصر، وغادروا صالة العرض تعبيرًا عن وطنية زائفة . 
ولا أدري علام يثور مُدَّعوا الوطنية الزائفة هؤلاء؟! ، فهم يعيشون حياة الترف والبذخ، ولايشعرون بأحوال الفقراء والمعدمين من أبناء مصر .
 وعلى سبيل المثال لا الحصر فهناك أرقام رسمية تقر بوجود نحو 12 مليون امرأة معيلة في مصر . 
كما أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر ارتفاع معدلات الفقر في البلاد لتصل إلي 32.5 في المائة من عدد السكان بنهاية العام المالي 2017/ 2018 ، مقابل 27.8 في المائة لعام 2015/ 2016 .
كما أكد البنك الدولي في تقريره زيادة نسبة الفقر من 27.8% سنة 2015 إلى 32.5% عام 2017 . 
وعلى الرغم من انخفاض نسبة الفقر سنة 2019 إلى 29.7%  إلا أنها لا تزال مرتفعة باعتبارها أعلى من النسبة المُسجلة عام 2015 قبل تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي في 2016 بعد تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار .
كما أشار التقرير إلى التباينات المكانية في معدلات الفقر ، حيث بلغ معدل الفقر في الريف 37.7% مقارنة بنسبة 24.8% في الحضر ، وأن 50 % من سكان صعيد مصر – الذين يمثلون حوالى 40 % من سكان البلاد - يقعون تحت خط الفقر ، كما في محافظتي سوهاج وأسيوط على سبيل المثال ، وذلك  مقارنة بنسبة الفقر فى الوجه البحري التي تبلغ  30 %.
كما تحدث التقرير عن أن نسبة 83% من الفقراء يعيشون فى مساكن منخفضة الجودة بجدران إسمنتية ، و18% لديهم أرضيات ترابية ، وأن الأسر الفقيرة لا تحظى بفرص الحصول على خدمات أو سلع عالية الجودة .
وكان البنك الدولي قد أصدر بيانًا قال فيه : "إن نحو 60 في المائة من سكان مصر إما فقراء أو عرضة للفقر" .
فعلام يثور المشخصاتية؟!

إن الأرقام لاتكذب، وكلها توضح الحالة المزرية التي أوصلنا إليها حكم العسكر منذ سبعة عقود؟! .
فقد قال أحدهم مداخلة مع الذراع الانقلابي "عمرو أديب" :
"الفيلم يحكي عن أسرة عايشة في عذاب بشكل غير طبيعي ومؤذ، يعيشون في قذارة رهيبة، وشكل مش حلو أبداً، عشان كده اتخنقت وتعبت من الفيلم، أنا عندي حتة غيرة جوايه تجاه بلدي بتحركني" .
ولم يقتصر التحريض ضد الفيلم على أراجوزات إعلام العسكر؛ فدخل المدعو "بانجو" عضو برلمان العسكر على الخط فقال :
التعري الحقيقي مش شوية فساتين لبستها الفنانات ... التعري هو إنك تعمل فيلم تصور فيه بلدك وكأن مفيش أي تطور حصل فيها ، وكأن تقرير البنك الدولي نفسه لم يتكلم عن تراجع نسب الفقر ومفيش آلاف الأسر اتنقلوا من سكن المقابر لشقق آدمية ... التعري الحقيقي إنك تبيع موهبتك للنوع اللي يجيب جوائز" .
وتبعه أحمد مهنى عضو برلمان العسكر أيضاً فقال أنه سيتقدم بطلب إحاطة موجهًا  لرحكومة الانقلاب بشأن عرض فيلم ريش المسيء لمصر ، حيث أنه لا يقدم الصورة الحقيقة لمصر ، ويساعد على تشويه الصورة الداخلية لمصر عالميًّا .
كما تقدم محامٍ من مُدّعي الوطنية الزائفة   ببلاغ لنائب عام الانقلاب ونيابة أمن الدولة العليا ضد مخرج وسيناريست ومنتج فيلم "ريش" لإساءته للدولة المصرية والمصريين ، وزعم أن صناع الفيلم محل هذا البلاغ قد أساءوا إلى الدولة المصرية، وذلك لتعمدهم إظهار صورة مسيئة وغير حقيقية لحياة المصريين والمجتمع المصري بأحداث الفيلم سالف الذكر ، مطالبًا بالتحقيق فيما ورد ببلاغه وإحالة المُبلَّغ ضدهم للمحاكمة الجنائية العاجلة . 
والسؤال لهؤلاء المطبلاتية وخدام العسكر: هل تقديم عمل فني هادف يعالج مشكلة مزمنة فى المجتمع مثل مشكلة الفقر والمرأة المعيلة إساءة للدولة أو شبه الدولة؟ أم أن الأعمال الهادفة صارت شاذة فى ظل الإعلام المخابراتي !!؟
وعلى غير العادة  لم يتم استدعاء شماعة الإخوان وأهل الشر هذه المرة، ولم يقل إعلام العسكر أن من قاموا بعمل هذا الفيلم إخوان وتلقوا تمويلًا من قطر في إطار المؤامرة العالمية ضد المحروسة!!