تغيرت كثير من معطيات الانقلاب الدامي على ثورة يناير..
فتبددت أحلام كل من راهنوا عليه..
الدعم الدولي فتر..
والدعم الإقليمي وصل إلى نهايته..
وما تلقاه من أموال جعله يصمد أمام الحراك الشعبي لعشرين شهرا.. لكن استمرار هذا الحراك بالإضافة إلى تركيبة سلطة الانقلاب الفاسدة بطبيعتها جعلت كل مداخيل الدعم تتبخر..
خارطة الطريق التي كتبتُ بالأخبار في مقالتي الأخيرة - خلال يوليو 2013 - أنها خارطة بلا طريق.. أو طريق بلا خارطة وصلت إلى حائط مسدود..
فالبرلمان أصبح كابوسًا يطارد عصابة الانقلاب.. فهم لا يرغبون في أي برلمان ولو من أكثر الناس وفاء لهم لأنه ينتقص من سلطتهم ولو نظريًّا.. والانقلابات لا تحيا إلا بتركيز كامل السلطة بيد عصابتها الضيقة..
وكافة القوى والشخصيات التي حملت الانقلاب إلى سدة السلطة على جثة الوطن، حملها الانقلاب إما إلى المعتقلات أو إلى المقاهي أو إلى الإقامة الجبرية وعالم الصمت حيث لم يعد بإمكانها النطق..
كما تكسرت أحلام رئيس الانقلاب في بناء أي صورة بطولية وهمية أو تليفزيونية على صخور الثبات الشعبي ومحدودية مواهبه والقيود التي يضعها برقبته من لا يستطيع الإفلات من تبعيته لهم..
الآن تبدأ الثورة في الفعل بعد أن امتصت كل ضربات الثورة المضادة واستعادت بصيرتها ورؤية أهدافها وسلامة طريقها وتماسك صفوفها..
فطريق الثورة الشعبية هو ما حفظ لها البقاء وهو ما أعاد الانقلابيين إلى قفص الكائنات المنقرضة توطئة لإلقائهم في الناحية التي يستحقونها من التاريخ..
وطريق الثورة الشعبية هو ما سيضمن كتابة نهاية الثورة المضادة وانتصار ثورة يناير..
فلو تخيلت أي طريق آخر لكانت النتائج مختلفة، وغالبًا سلبية..
الآن وقد وصلنا لهذه المرحلة فإن حديث البعض عن التصالح مع عصابة القمع سيكون خروجًا من التاريخ من بابه الخلفي.. فنحن كنا على الدوام داعمين للصلح، وكنا طرفًا بأول مبادرة طُرحت للصلح قبل مجزرة رابعة الكرامة..
والآن مازلنا ندعم الحلول السياسية إن ضمنت تحقيق أهداف ثورة يناير..
لكن هل يعتقد أحد أن أي مسعى للتصالح مع أشخاص عصابة القمع يضمن تحقيق أي نتائج إيجابية؟!
بل هل تؤتمن تلك العصابة على أي تسوية سياسية؟!
الأمر أصبح أكثر جلاءً.. فالثورة إما أن تبلغ أهدافها باستمرار الحراك حتى إسقاط تام للانقلاب.. أو أن تحققها بحلول سياسية تبدأ بإقصاء أشخاص عصابة القمع..
ولا أودّ أن أدخل في نقاش معنى الإقصاء ومآل المحاسبة والقصاص، لأن مجرد الإقصاء سيفتح الباب للجميع للالتقاء والتفاهم على أمر واضح وهو استعادة طريق ثورة يناير وتحقيق أهدافها التي أصبح القصاص العادل جزءا جوهريًّا منها..
أما محاولة التسويق لبقاء الانقلاب ومحاولة وضعه مرة أخرى في سياق نزاع على السلطة بين الإخوان والعسكر لهو استعادة لمقولات أثبتت الثورة فشلها..
الحراك الجماهيري صنع "مزاييك" من مجموعات شبابية أكثر إدراكًا لمعنى الثورة، لأنها عايشت إسقاط مبارك ثم خارطة طريق مجلسه العسكري ثم عودة نظام مبارك محمولاً على ثورة مضادة.. ثم مجازر لم يعرف مثلها التاريخ المصري.. فأصبحوا أكثر دراية بمعنى ومضمون وأهداف ثورة تستخلص وطنًا من سارقيه..
وهم مختلفون عن أولئك الأطهار الذين نزلوا في 25 يناير يريدون تغييرات مهمة في بنية نظام مبارك ففوجئوا بسقوطه.. دون أن يدركوا أنها مناورة لاستعادته والتخلص من حراكهم..
الموجودون بالشارع الآن لا يستهدفون إصلاحات في بنية نظام الثورة المضادة.. ولن تخدعهم خارطة طريق يطرحها هذا النظام ولن ينجروا إلى شقاقٍ حول انتخابات أولا أو دستور أولا... فقد أصبح هدفهم الأول هو الوطن.. فلا قيمة لأي انتخابات أو لأي دساتير بينما الوطن مختطف.. سلطته وثورته وثروته..
لذا فعلى كل من يطرح رؤية للمصالحة أن يدرك أن المصالحة تعني حلولاً سياسية توفر جهد وتضحيات وإرهاقات الثورة.. وأنها لن تمر إلا باستبعاد عوائقها وهم أشخاص معدودون لا يجوز ارتهان الوطن لأجلهم.. وأن أجندة أي حلّ سياسي يجب أن تكون كيفية تحقيق أهداف ثورة يناير وعودة كل مؤسسات الدولة المصرية للقيام بوظائفها دون تجاوزها إلى الافتئات على حقوق الشعب..
سيخسر من يُراهن على الوقت.. فمع مرور الوقت سيسوء وضع الانقلاب وسيزداد ميزان القوى ميلاً لصالح الثورة..
قلتُ في مطلع 2014 لو جرى دعم الانقلاب بمثل جبل أحد ذهبًا لتبخر الذهب واستمر في فشله.. فما بلكم ولم يبق بأحد أي ذهب!!
فتبددت أحلام كل من راهنوا عليه..
الدعم الدولي فتر..
والدعم الإقليمي وصل إلى نهايته..
وما تلقاه من أموال جعله يصمد أمام الحراك الشعبي لعشرين شهرا.. لكن استمرار هذا الحراك بالإضافة إلى تركيبة سلطة الانقلاب الفاسدة بطبيعتها جعلت كل مداخيل الدعم تتبخر..
خارطة الطريق التي كتبتُ بالأخبار في مقالتي الأخيرة - خلال يوليو 2013 - أنها خارطة بلا طريق.. أو طريق بلا خارطة وصلت إلى حائط مسدود..
فالبرلمان أصبح كابوسًا يطارد عصابة الانقلاب.. فهم لا يرغبون في أي برلمان ولو من أكثر الناس وفاء لهم لأنه ينتقص من سلطتهم ولو نظريًّا.. والانقلابات لا تحيا إلا بتركيز كامل السلطة بيد عصابتها الضيقة..
وكافة القوى والشخصيات التي حملت الانقلاب إلى سدة السلطة على جثة الوطن، حملها الانقلاب إما إلى المعتقلات أو إلى المقاهي أو إلى الإقامة الجبرية وعالم الصمت حيث لم يعد بإمكانها النطق..
كما تكسرت أحلام رئيس الانقلاب في بناء أي صورة بطولية وهمية أو تليفزيونية على صخور الثبات الشعبي ومحدودية مواهبه والقيود التي يضعها برقبته من لا يستطيع الإفلات من تبعيته لهم..
الآن تبدأ الثورة في الفعل بعد أن امتصت كل ضربات الثورة المضادة واستعادت بصيرتها ورؤية أهدافها وسلامة طريقها وتماسك صفوفها..
فطريق الثورة الشعبية هو ما حفظ لها البقاء وهو ما أعاد الانقلابيين إلى قفص الكائنات المنقرضة توطئة لإلقائهم في الناحية التي يستحقونها من التاريخ..
وطريق الثورة الشعبية هو ما سيضمن كتابة نهاية الثورة المضادة وانتصار ثورة يناير..
فلو تخيلت أي طريق آخر لكانت النتائج مختلفة، وغالبًا سلبية..
الآن وقد وصلنا لهذه المرحلة فإن حديث البعض عن التصالح مع عصابة القمع سيكون خروجًا من التاريخ من بابه الخلفي.. فنحن كنا على الدوام داعمين للصلح، وكنا طرفًا بأول مبادرة طُرحت للصلح قبل مجزرة رابعة الكرامة..
والآن مازلنا ندعم الحلول السياسية إن ضمنت تحقيق أهداف ثورة يناير..
لكن هل يعتقد أحد أن أي مسعى للتصالح مع أشخاص عصابة القمع يضمن تحقيق أي نتائج إيجابية؟!
بل هل تؤتمن تلك العصابة على أي تسوية سياسية؟!
الأمر أصبح أكثر جلاءً.. فالثورة إما أن تبلغ أهدافها باستمرار الحراك حتى إسقاط تام للانقلاب.. أو أن تحققها بحلول سياسية تبدأ بإقصاء أشخاص عصابة القمع..
ولا أودّ أن أدخل في نقاش معنى الإقصاء ومآل المحاسبة والقصاص، لأن مجرد الإقصاء سيفتح الباب للجميع للالتقاء والتفاهم على أمر واضح وهو استعادة طريق ثورة يناير وتحقيق أهدافها التي أصبح القصاص العادل جزءا جوهريًّا منها..
أما محاولة التسويق لبقاء الانقلاب ومحاولة وضعه مرة أخرى في سياق نزاع على السلطة بين الإخوان والعسكر لهو استعادة لمقولات أثبتت الثورة فشلها..
الحراك الجماهيري صنع "مزاييك" من مجموعات شبابية أكثر إدراكًا لمعنى الثورة، لأنها عايشت إسقاط مبارك ثم خارطة طريق مجلسه العسكري ثم عودة نظام مبارك محمولاً على ثورة مضادة.. ثم مجازر لم يعرف مثلها التاريخ المصري.. فأصبحوا أكثر دراية بمعنى ومضمون وأهداف ثورة تستخلص وطنًا من سارقيه..
وهم مختلفون عن أولئك الأطهار الذين نزلوا في 25 يناير يريدون تغييرات مهمة في بنية نظام مبارك ففوجئوا بسقوطه.. دون أن يدركوا أنها مناورة لاستعادته والتخلص من حراكهم..
الموجودون بالشارع الآن لا يستهدفون إصلاحات في بنية نظام الثورة المضادة.. ولن تخدعهم خارطة طريق يطرحها هذا النظام ولن ينجروا إلى شقاقٍ حول انتخابات أولا أو دستور أولا... فقد أصبح هدفهم الأول هو الوطن.. فلا قيمة لأي انتخابات أو لأي دساتير بينما الوطن مختطف.. سلطته وثورته وثروته..
لذا فعلى كل من يطرح رؤية للمصالحة أن يدرك أن المصالحة تعني حلولاً سياسية توفر جهد وتضحيات وإرهاقات الثورة.. وأنها لن تمر إلا باستبعاد عوائقها وهم أشخاص معدودون لا يجوز ارتهان الوطن لأجلهم.. وأن أجندة أي حلّ سياسي يجب أن تكون كيفية تحقيق أهداف ثورة يناير وعودة كل مؤسسات الدولة المصرية للقيام بوظائفها دون تجاوزها إلى الافتئات على حقوق الشعب..
سيخسر من يُراهن على الوقت.. فمع مرور الوقت سيسوء وضع الانقلاب وسيزداد ميزان القوى ميلاً لصالح الثورة..
قلتُ في مطلع 2014 لو جرى دعم الانقلاب بمثل جبل أحد ذهبًا لتبخر الذهب واستمر في فشله.. فما بلكم ولم يبق بأحد أي ذهب!!