طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، المجتمع الدولي بالتحرك العاجل والجاد لإلزام الاحتلال الصهيوني بالتوقف عن ارتكاب جريمة التهجير القسري التي ترتكبها ضد سكان قطاع غزة على نحو منهجي وواسع النطاق وبنمط متكرر منذ السابع من أكتوبر الماضي.

وأكد الأورومتوسطي في بيان له، الأحد، أنه ينبغي تمكين مئات آلاف النازحين من العودة إلى مناطق سكناهم في محافظة غزة ومحافظة شمال غزة، التي هجروا منها قسرًا إلى جنوب وادي غزة، خلال الأشهر الماضية، لا سيما بعد بدء الهجوم العسكري الصهيوني على رفح، والذي أنهى بشكل فعلي ورسمي ما يسمى المنطقة الآمنة التي كانت الملاذ الأخير للنازحين قسرا من مختلف أماكن قطاع غزة، ولم يعد الآن هنالك أي مكان آخر يمكن اللجوء إليه للإيواء.

ورصد الأورومتوسطي نزوح أكثر من 700 ألف شخص من رفح منذ إصدار جيش الاحتلال أوامر التهجير القسري الأخيرة في 6 مايو الجاري، ولا تزال عمليات النزوح القسري مستمرة وسط ظروف صعبة جدًا سواء في تأمين مكان للنزوح إليه، حيث لا مكان آمن في القطاع، أو إيجاد خيمة يمكن أن تؤوي الأسرة النازحة، أو توفير ووسائل نقل وتكاليف النزوح.

ونبه إلى أن أوامر النزوح الأخيرة تأتي بعد ثمانية أشهر من بدء جريمة الإبادة الجماعية، التي دمرت مصادر الرزق للعائلات وأصبح جلهم دون عمل، عدا عن الطرد المتكرر والإجبار على النزوح مرارا وتكرارا ما أفقد هذه العائلات العديد من ممتلكاتهم وموادهم التموينية القليلة أصلا التي كانت متبقة بحوزتهم.

وأشار الأورومتوسطي إلى أن تقديراته تشير إلى أن نحو 150 ألفًا سبق أن نزحوا خوفا وقسرا من رفح على مدار الأسابيع التي سبقت أوامر التهجير القسري الرسمية بفعل سيل من التهديدات الصهيونية باجتياح المدينة الحدودية.

وأوضح أن غالبية هؤلاء النازحين ممن أجبروا في أكتوبر الماضي على النزوح القسري من غزة وشمالها بعد أن أصدر جيش الاحتلال أوامر تهجير قسري واسعة النطاق شملت جميع سكان المحافظتين في 13 أكتوبر 2023، جاء فيها: "تحذير عاجل إلى سكان قطاع غزة. وجودكم شمالي وادي غزة يعرض حياتكم للخطر. كل من اختار ألا يخلي من شمال القطاع إلى الجنوب من وادي غزة من الممكن أن يتم تحديده على أنه شريك بتنظيم إرهابي".

وأبرز أن أكثر من 1.2 مليون فلسطيني نزحوا بالفعل على مدار أشهر نتيجة إجراءات التهجير القسري التي انتهجتها قوات الاحتلال، سواء من خلال أوامر التهجير القسري المباشرة أو من خلال خلق بيئة قسرية طاردة للسكان بفعل القصف العنيف والترهيب واقتحام المنازل ومراكز الإيواء وإجبار من فيها على النزوح باتجاه الجنوب، في حين بقي قرابة 400 ألف أغلبهم نازح داخليا في أحياء غزة وشمالها.

وأكد الأورومتوسطي أن التطورات الأخيرة بعد أوامر الاجتياح الصهيوني لرفح وإصدار أوامر لتهجير سكانها قسرا قبل نحو أسبوعين يلغي المبررات التي كان الاحتلال الصهيوني يدعيها لبقاء النازحين من غزة وجنوبها، إذ لم يعد هناك منطقة آمنة.

وأشار إلى أن مئات الآلاف من النازحين اضطروا إلى اللجوء إلى الشوارع والأراضي وشاطئ البحر غرب خانيونس ودير البلح، في مناطق جغرافية محصورة لا تتسع لأعدادهم الكبيرة ولا تتوفر فيها أي خدمات أو مقومات حياة تقريبًا.

وأبرز الأورومتوسطي أن الكيان الصهيوني أبدى استعداده خلال مفاوضات الهدنة قبل انهيارها مطلع الشهر الجاري – وفق ما أعلنته وسائل إعلام صهيونية ودولية- على عودة النازحين إلى مناطق سكناهم في غزة وشمالها، ما يعني أن المجتمع الدولي يسمح للاحتلال باستخدام وقف ارتكاب جريمة على هذا المستوى من الخطورة كورقة تفاوض وابتزاز بخلاف ما تنص عليه كافة قواعد القانون الدولي.

ونبه إلى أن التهجير القسري جريمة تمس حياة مئات الآلاف من المدنيين، غالبيتهم من النساء والأطفال، تصل إلى حد جريمة حرب مستقلة، وجريمة ضد الإنسانية مستقلة كونها ترتكب على نحو منهجي وواسع النطاق، وتندرج ضمن أفعال جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل هناك.

وشدد على أنه بعد أكثر من ثمانية أشهر على بدء العدوان الصهيوني وما فرضه من تهجير قسري واضطرار مئات الآلاف للعيش في خيام ومراكز إيواء غير ملائمة بدون مقومات حياة، وتوقف العمليات القتالية في معظم مناطق سكناهم في شمال القطاع، فإن العودة إليها باتت حقًا واجبًا بدون أي تأخير أو مماطلة.

وقال الأورومتوسطي إنه رغم الإدراك أن نحو 70% من المناطق السكنية للمهجرين قسرا دمرت جراء القصف والتجريف الصهيوني، فإن العودة إليها والإقامة إلى جوارها يبقى حقا واجبا يجب إنجازه فورًا.

وأضاف أنه يجب أن يرافق ذلك التزام دولي بتأمين عاجل لاحتياجات إقامة مؤقتة من منازل مؤقتة وخيام وغيرها وخدمات صحية ومياه وغيرها من متطلبات الحياة الأساسي، وتعويض الضحايا عن خسائرهم وفقا لقواعد القانون الدولي، ومحاسبة الاحتلال عن جميه جرائمه، بما في ذلك جريمة التهجير القسري.

وحذر المرصد الأورومتوسطي من أن التنكر لهذا الحق، وإبقاء مئات الآلاف المهجرين قسرا دون تأمين عودتهم وبلا مقومات حياة أو أماكن إيواء ومع إغلاق المعابر ووقف إدخال المساعدات بالتزامن مع منع تدفق السيولة المالية إلى قطاع غزة، يعني قرارا صهيونيا بفرض نكبة جديدة على الشعب الفلسطيني، ونشر المجاعة واستخدام التجويع كسلاح في الحرب من جديد، لاستكمال جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين.