علقت صحيفة "التايمز" في افتتاحيتها على ترشيح نجل دكتاتور ليبيا السابق نفسه لانتخابات الرئاسة المقررة الشهر المقبل بالقول: "مضى عقد على قتل المتمردين الغاضبين معمر القذافي بطريقة شنيعة، وتداعت ليبيا وتحول البلد إلى حالة لدراسة الفوضى المحلية وتداعيات التدخل الغربي الذي لم يخطط له بطريقة جيدة. وشهدت مرحلة ما بعد القذافي المرتزقة وهم ينشرون تجارتهم ويعمقون الانقسام في البلد. وحصل قادة الميليشيات على تلال من الأسلحة. وجذب انتشار الفوضى عصابات تهريب المهاجرين الذين يقطعون رحلة من دول الصحراء الإفريقية باتجاه البحر المتوسط.  وتعلم جيل جديد كيفية تجميع المتفجرات البدائية في معسكرات التدريب".

واليوم يقدم سيف الإسلام، نجل الطاغية، نفسَه مرشحا في الانتخابات. وأضافت أن لديه فرصة، ولكن ليست كبيرة للفوز في الإنتخابات. ويتعهد القذافي الابن بـ"إعادة وحدة ليبيا" ولا يخفى أن هناك رغبة من الليبيين للهروب من الفوضى وعدم الإستقرار التي عانى البلد منها منذ الربيع العربي في 2011.

وفي مقابلة أجريت معه قبل فترة قال: "لا يوجد هناك مال ولا أمن"، وأضاف: “لا حياة، اذهب لمحطة البترول فلن تجده، مع أننا نصدر النفط والغاز إلى إيطاليا".

ولا يزال هناك في ليبيا عدد قليل من الحرس القديم الذين يرون في نجل الطاغية "منقذا"، ففي ذروة حكمه أطلق القذافي على نفسه "ملك ملوك أفريقيا"، ويتذكره الليبيون ليس كحاكم قاس ومتغطرس، بل كشخص كان مستعدا لاستثمار موارد النفط وإنشاء نظام صحي حديث وتوسيع التعليم العالي. ويمكن أن يظهر القذافي الابن، الذي يوقع على مشاعر بعض الناخبين، كشخص حداثي يدعو إلى المركزية في الحكم. وفي شبابه نظرت بعض العيون الغربية إلى الطالب السابق في مدرسة لندن للاقتصاد بنفس الطريقة. وباعتباره مصلحا محتملا، يمكنه أن يبني جسورا بين ليبيا وأوروبا.

وما تم كسره لا يمكن إصلاحه إلا عبر جهود دبلوماسية مكثفة. ولكن "من السذاجة الاعتقاد أن القذافي الابن يحمل المفتاح وأن بلد متشرذما مثل ليبيا سيجد في ظل حكمه هدفا مشتركا أو طريقا نحو دولة متماسكة".

وقالت إن بريطانيا وفرنسا وبمساعدة من الولايات المتحدة "التي قادت من الوراء" قامت بحملة قصف جوي لمنع القذافي ذبح المدنيين في بنغازي. وكان هذا هدفا نبيلا: منع ما كان يمكن أن يكون سبرنيتشا جديدة، ولكن الحملة قامت على معرفة قليلة جدا بالتضاريس السياسية الليبية. فالانقسامات القبلية كانت عميقة. ولم يكن الحكم غير المستقر الذي ظهر بعد 40 عاما من سوء إدارة القذافي كافيا لكسر التحالف السام بين أمراء الحرب وشبكات الجريمة المنظمة. و"لا توجد هناك إشارات أن نجل القذافي لديه الدهاء أو القوة العسكرية لإعادة بناء دولة موحدة".

وما هي إمكانية بناء حوار معه؟ حاولت روسيا بناء قنوات خلفية مع القذافي الابن، وقد تدعمه في النهاية لخدمة مصالحها. وعلى بريطانيا ألا تسير في هذا الطريق، فهو لا يزال مطلوبا لمحكمة الجنايات الدولية لجرائم ضد الإنسانية.

وترى الصحيفة أن الكارثة الليبية تعطي درسين، الأول: لا تستطيع أي دولة، وحتى بريطانيا المفترض أنها عالمية لعب دور الشرطي في بلد بالكاد تعرفه.

أما الثاني، فيجب على بريطانيا التفكير مرتين قبل دعم ومنح الشرعية لقادة يزعمون أنه لا يمكن الاستغناء عنهم لمستقبل بلد ساعدت مرة على تدميره. ويزعم القذافي الابن أنه يريد إنقاذ بلد والده، وفي الحقيقة يريد الفرار بجلده.