قالت منظمة "كوميتي فور جستس" إنه في الوقت الذي تتواصل فيه جلسات محاكمة قتلة طالب الماجستير الإيطالي جوليو ريجيني، الذي قُتل في القاهرة تحت التعذيب في فبراير 2016، تواصل السلطات في مصر إهدار أرواح الكثيرين تحت وطأة التعذيب، وغيرها من الانتهاكات، التي صارت منهجاً متبعاً داخل مقار ومراكز الاحتجاز بمصر.

وأوضحت المنظمة أنّ ما فعلته السلطات في 30 نوفمبر2020، وإغلاقها رسمياً التحقيقات في "قضية ريجيني"، لم يفلح في طمس معالم تلك القضية، بل على العكس سلّط الضوء على حفلات التعذيب التي تنظم داخل مقار ومراكز الاحتجاز في مصر، والتي تعجّ تقارير المنظمة المختلفة بأرقام ضحاياها، وكذلك ما يحتويه أرشيف مراقبة العدالة التابع للمنظمة من توثيق شامل للعديد من حالات الوفاة تلك.

من جانبه، قال المدير التنفيذي لـ"كوميتي فور جستس" أحمد مفرح إنّ "إغلاق مصر لملف التحقيقات في قضية ريجيني كان محاولة منها للهروب إلى الأمام، ولكنها فشلت في ذلك، بل وفتحت الأبواب عليها للتصعيد ضدها من الجانب الإيطالي الذي نقل الملف بالكامل للمحاكمة، كما جعل كلامنا بشأن التعذيب داخل السجون ومقار الاحتجاز في مصر موثّقاً بشكل واقعي".

وأشارت "كوميتي فور جستس" إلى أنّ تقاريرها منذ عام 2017 تضجّ بمئات الضحايا الذين قضوا نحبهم داخل مقار ومراكز الاحتجاز في مصر. ففي عام 2017، وخلال الأشهر الستة الأولى منه، تمّ رصد 81 حالة قتل خارج إطار القانون.

أمّا في عام 2018، تمّ رصد 245 حالة قتل خارج إطار القانون ووفاة أثناء الاحتجاز، كما تم توثيق 10 حالات (5 حالات قتل خارج إطار القانون، و5 حالات وفاة أثناء الاحتجاز). وفي عام 2019، تمّ رصد 95 حالة وفاة داخل مقار الاحتجاز؛ كالتالي (11 حالة انتحار، 75 حالة حرمان من الرعاية الصحية، 9 حالات وفاة بسبب التعذيب).

وفي عام 2020، تمّ رصد 101 حالة وفاة داخل مقار الاحتجاز. وتوزّعت الوقائع المرصودة إجمالاً بين الوفاة نتيجة الحرمان من الرعاية الصحية بواقع (89 حالة وفاة)، والوفاة نتيجة سوء أوضاع الاحتجاز (6 وفيات)، ونتيجة التعذيب (خمس وفيات)، وأخيراً حالة انتحار واحدة، كما تمّ توثيق 10 حالات وفاة داخل مقار الاحتجاز جميعها نتيجة الحرمان من الرعاية الصحية.

وأخيراً، في الأشهر الستة الأولى من العام 2021، تمّ رصد 28 حالة وفاة داخل مقار الاحتجاز، وتم توثيق حالة وفاة واحدة منها.

وأضاف مفرح: "أرشيف منظمتنا لمراقبة العدالة يعجّ بتوثيق شامل لمئات الضحايا داخل مقار الاحتجاز والسجون في مصر، حوالي 1124 حالة وفاة أثناء الاحتجاز، من أكثر من 280 مقر احتجاز، والمعلومات متاحة للجميع ويمكن الاطلاع عليها، لنرى بأنفسنا النتيجة المريعة التي أوصلتنا إليها السلطات في مصر بسبب انتهاكاتها الممنهجة".

وذكرت "كوميتي فور جستس" أنه في الوقت الذي يتزامن فيه انعقاد جلسة جديدة من محاكمة قتلة ريجيني في 14 أكتوبر الجاري، مطلوب من المجتمع الدولي إيصال رسالة لمصر والضغط عليها بشتى الطرق من أجل تسليم مسؤوليها الأمنيين الأربعة المتهمين في القضية، وفقاً لقواعد ومواثيق القانون الدولي التي وقّعت عليها.

كذلك طالبت المنظمة السلطات المصرية بالتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وتفعيل النصوص الدستورية المجرّمة لجرائم التعذيب، وإيقاف الضباط والقائمين والمشرفين على عمليات التعذيب والإخفاء القسري ومحاسبتهم.

 

وشدّدت "كوميتي فور جستس" على أنّ هذه المحاكمة هي بمثابة تأكيد عملي عالمي على أنّ الإفلات من العقاب في جرائم التعذيب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مصر لن تمر بدون محاسبة، وأنها محاولة جدية لضمان العدالة لآلاف المصريين الذين وقعوا ضحايا لانتهاكات جسيمة تمّت على يد السلطات في مصر.