نشر مركز “النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف”، تقريراً تحت عنوان: “حصاد القهر في ٢٠١٩”، وذلك في ذكري ثورة ٢٥ يناير؛ لإحيائها والتذكرة بمطالبها، وكذلك الانتهاكات التي تعرّض لها مختلف طوائف الشعب من حملات اعتقال وإخفاء قسري وتعذيب، وتلقّيه ٢٤٨٥ استغاثة على مدار السنة.

ويحمل التقرير العديد من الأرقام التي رصدها المركز من انتهاكات لحقوق الإنسان بمختلف الطرق على مدار عام ٢٠١٩، بالإضافة لبعض من الشهادات التي نُشرت خلال العام نقلاً عن معتقلين حاليين وسابقين وأسرهم وأصدقائهم ومحامييهم.

وصرّح “النديم” أن إجمالي عدد الاستغاثات من مختلف الانتهاكات التي تلقّاها هي ٢٤٥٨ استغاثة، منها:

٤١٩ حالة قتل خارج القانون، و٥٤ حالة وفاة في أماكن الاحتجاز، و١٤٥ حالة تعذيب فردي سواء أثناء الاعتقال أو داخل أماكن الاحتجاز، و١٤٧ حالة إهمال طبي، و١١٣٢ حالة إخفاء قسري، كما تلقّى ٢٨٥ استغاثة من ١٧٢ معتقلاً تعرّضوا لأنواع انتهاكٍ مختلفة.

وذكر مركز النديم في افتتاح ملف الحصاد: “ننشر أرشيف الإعلامي الذي نصدره شهرياً أو كل شهرين ثم نعيد نشره مجمعاً للعام بأكمله في ذكرى ثورة 25 يناير 2011 حين كان الحلم كبيراً، حلم العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية”، أن هذه “أهداف دفع المصريون، أطفالاً وشباباً وكهولاً من دمائهم ونور عيونهم ثمناً لها ولا يزالون”، مضيفاً “الكثيرون ممن بقي منهم على قيد الحياة أصبح رهن الاعتقال وجبروت الشرطة والأحكام الجائرة في انتقام أمني من كل من رفع رأسه وشعر باستعادة كرامته وتصور – ولو لشهور – أن أيام الظلم انتهت وأن مستقبلاً جديداً سوف يبدأ، خالياً من التعذيب والقهر والخوف”.

وقال المركز: “ليس هذا قراءة في الضمائر أو الدوافع فلا زال اسم ثورة 25 يناير على ألسنة الجلادين وهم يعذبون من وقع تحت أيديهم من الثوار، يفصحون عن كراهيتهم للثورة ولكل ما ومن ارتبط بها”. مستنكرا أساليبَ التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان من النظام، قائلاً: “إلى هذا الحد ترى الأجهزة الأمنية أن هيبتها وهيبة الدولة التي تحميها لا تكتمل سوى بكسر وإهانة وإذلال مَن حلموا في يوم من الأيام بإجبارها على احترام القانون. مجرد احترام القانون”.

وأشار إلى أنه “رغم القهر والسجون والتعذيب والتشريد يأتي يوم 25 يناير من كل عام ليؤكد على أن الثورة غير قابلة للحجب مثلها مثل كل المواقع والجرائد والأصوات الحرة التي تسعى الدولة لإسكاتها”. واصفاً ثورة يناير بأنها “محفورة في القلوب والعقول، ولا زالت أملاً في أفق الحالمين الباحثين عن الحرية والكرامة والعيش الكريم”. وأردف “واثقون أن هذا الكم من الظلم لا يمكن له أن يستمر وأن جذوة الثورة المحرومة من وقودها قتلاً وسجناً وترهيباً لا زالت مشتعلة تحت رماد ست سنوات من الاستبداد إلى أن يأتي اليوم (الأسود على كل ظالم، أبيض على كل مظلوم)”.

ووصف مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسى لضحايا العنف غلاف الحصاد الذي قام بنشره أنه “يلخص في صورة حال البلاد”، معلقاً أن “الكل سجين، من إسكندرية إلى أسوان، من وجه بحري إلى وجه قبلي، من مدن القناة إلى سيناء الممنوعة على المصريين، المحاصرة لأهلها”.

واستنكر المركز إغلاق عيادته بالشمع الأحمر تحت دعوى أنهم حين يخاطبون الرأي العام بحجم العنف والتعذيب الذي تشهده البلاد فإنهم نقوم بما لا تسمح به “عيادة” ولم ترخص به وزارة الصحة.

وحول ذلك علّق “النديم” قائلاً: “كأن الوقاية ليست جزءاً من العلاج.. وكأن المعرفة ليست شرطاً لعلاج المرض. لكن دعم الناجين من العنف والتعذيب لم يكن يوماً مرهوناً بمكان وإنما بإرادة والتزام أطباء وطبيبات أقسموا على ان تكون سلامة “مرضاهم” هي البوصلة، لا يخضعون لأطراف ثالثة ولا يساومون بالصحة وسلامة الجسد والنفس”.

وصرّح المركز أنهم يدركون أن “ما ورد في هذا الأرشيف ليس سوى قمة جبل الثلج مما حدث من قهر وظلم. ولا ندّعي أبداً أنه شامل يمثل كل ما شهده عام 2019 من انتهاكات”.

وقدّم مركز “النديم” الشكر والتقدير لكل من “تحدّى القمع بالنشر عما حدث رغم الخوف ورغم التهديد، واحتمالات الانتقام، كما شكر المنظمات الحقوقية والمدافعين عن حقوق الإنسان المستمرين رغم المخاطر والصعوبات فقد كانت تقاريرهم وكان توثيقهم أحد المصادر الرئيسية لهذا الأرشيف”.

في سياق متصل، حدّدت المحكمة الإدارية جلسة يوم 25 مارس 2020؛ للحكم في الدعوى التي رفعها مركز “النديم” ضد قرار إغلاق العيادة.

وصرّح “النديم” أنه في حالة كان القرار ليس في صالحهم سوف يستمر مثلما استمروا منذ يوم 9 فبراير 2017، مستمدين قرارهم من “التزام فريق عملنا وثقة الناس فينا، وكلاهما غير قابل للتشميع”، كما وصفوا.