خلق الله الأرض بقوانين ثابتة ونواميس راسخة، ومن أهم هذه القوانين (قانون التدافع) بين جميع الكائنات على وجه الأرض؛ ففي بيئة الحيوانات الصراع على أشده من أجل الوجود ويظهر من خلال هذا الصراع حكمة رائعة للخالق سبحانه وتعالى.

 

لكن هذا الصراع ليس من أجل فكرة أو أيديولوجية أو عرق أو جنس، بل هي الفطرة من أجل الحياة والبقاء.

 

هناك مخلوق واحد خرج على قانون الصراع من أجل الحياة، وانتقل للصراع من أجل الفكرة وأعني الفكرة هنا إما الفكرة التي ارتضاها الله للبشر متسقة مع منهجه، وإما الفكرة الإبليسية التي ترفض منهج الله في الأرض.

 

الحقيقة أن هذا الصراع هو الوحيد القادر على كشف الدواخل لدى الإنسان وتمحيص قلبه ومعرفة حقيقة انتمائه لإحدى الفكرتين.. هذا الصراع والتدافع هو بمثابة فرز لكل الناس، وفي ظني أن الله جل جلاله قصد من هذا الصراع كشف حقيقة الإنسان أمام نفسه؛ لأنه سبحانه يعلم ما في نفوسنا، لكنه أراد أن يطلعنا على حقيقتنا وعزائمنا وأخلاقنا في أشد الأوقات، ففي وقت الرخاء كل إنسان يقدم لنفسه كل المبررات بطيبته وإصلاحه وأخلاقه الراقية، بينما امتحانات السماء تطلعنا على أنفسنا من خلال الابتلاء.

 

صاحب الفكر الإبليسي يتجبر في الأرض بكل أشكال التجبر ويفعل الأفاعيل دون أن يعي حكمة ما يفعله، والله يعلم ما يفعل، لكن عدله أعطاه الحرية كاملة ليعمل ما يشاء.

 

إنه صراع دموي شكله الظاهري مؤلم، لكنه في الحقيقة عبارة عن جراحة مركزة لتخرج الحكمة الإلهية من هذا الصراع.